مرحبا بكم أيها الرائعون، نحكي لكم من خلال موقعكم قصص وحكايات، أجمل واروع القصص والحكايات للصغير وللكبير، لعشاق قراءة ومطالعة قصص غريبة وعجيبة للاطفال واللكبار نحكي لكم هذه القصة الجديدة حصريا على موقعنا القصة لعنوان نور الشمس، وللمزيد من القصص الرائعة يمكنكم دائما زيارة: قصص للاطفال.

ذات يوم كان رجل يسير في الطريق ، وكان الجو ممطراً، والعواصیف تهبُّ بقوة ، فأسرع الرجل الخطى عائداً إلى بيته ، فرأى نسراً صغيراً يرقد على الأرض ، وقد تبلّل جسيمه من المطر ، وأخذ يترتجف من البرد ، وكلّما فرد جناحيه محاولا الطّيران سقط على الأرض ، فحزن الرّجل من أجل النسر ، وقال في نفسيه : لو تركت هذا النسر الصّغير هنا، فسوف يموت من البرد ، وإذا أخذته معي ، فكيف أربّيه ؟! وكان للرجل حظيرة دواجن ملاصقة لبيته ، فقال لنفسيه : أخذ هذا النسر ، وأضعه مع الدّواجن في الحظيرة ، فهو نسر صغير، ولن يؤذي دواجني . سوف يتعلم أن يأكل مثل الدّواجن ، ويحيى مثلها في الحظيرة ، حتى يكبر ويشتد …

وحمل الرّجل النسر الصّغير، فوضعه مع الدّواجن في المزرعة … وبمرور الأيام والشهور تعلم النسر الصغير أن يلتقط الحب بمنقاره مثل الدواجن ، وتعلم أيضا أن ينبش الأرض بمخلبيه ، ويستخرج الدود والحشرات من الأرض ، مثل الدواجن .. وعاش النسر حياة الدّواجن ، حتى كبر، لكنه لم يفكر يوما في الطّيران ، تاراكاً الحظيرة .. وقد تعود صاحب الحظيرة ذلك من النّسر ، فلم يكن يدهش مما يراه …

وذات يوم مر عالم متخصص في دراسة سلوك الحيوانات والطيور على الحظيرة ، فلفت نظره وجود ذلك النسر الكبير داخل حظيرة الدواجن ، ودهش عندما رأى النسر يقف هادئا مستسليماً ، فلا يؤذى الدواجن ، أو ينقض عليها ؛ فيفترسها ويطير بها بين مخالبه، وزادت دهشته وحيرته عندما رأى النسر يلتقط الحبّ مثل الدواجن ، وينبش الأرض بمخالبه بحثا عن الدود والحشرات … وذهب العالم إلى صاحب المزرعة، وسأله قائلا : هل تخبرني كیف يعيش هذا النسر مع الدواجن ، ويحيى مثلها ؟! فضحك الرجل ، وقال : إن هذا النسر له قصة غريبة .. فقال له العالم : أريد أن أعرفها ..

فسرد عليه الرّجل الحكاية من البداية إلى النّهاية .. فقال العالم : حكاية غريبة.. أغرب من الخيال … فقال الرجل : لقد علمت أنه بمرور الوقت سيكون في مقدور النسر أن يتطبّع بطيع الدواجن .. فقال العالم : لا يمكن أن أغفل هذا الأمر .. فقال الرجل : لماذا .! فقال العالم : لأن الطبع يغلب التطبع فقال الرجل : لقد أثبتت هذه التجربة أن الأطبغ يغلب الطبع، فقال العالم : هل تسمح لي بأخذ هذا النسر ؟ فقال الرجل : لماذا ..؟! فقال العالم: سأحاول أن أجعله يطير ، فربما عاد لأصله .. فضحك الرجل ، وقال : محال أن يعود لأصله وطبعه ، بعد هذه السنوات ..

فقال العالم : لن تخسر شيئا ، إذا جربنا.. فقال الرجل: ولا مانع أن تأخد النسر ، وإن كنت واثقا ، أنه قد راقت له هذه الحياة ، واستسلم لها … وجرى العالم إلى حظيرة الدواجن ، فمال على النسر وحمله بين يديه ، وسار به ، فأخذ النسر يرتعش من الخوف .. وصل العالم بالنسر إلى هضبة مرتفعة ، والرجل يتبعه ، فقال للنسر : أنت ملك الطيور ، وأكثرها تحليقاً وارتفاعاً في الفضاء .. كيف تقبل أن تضع رأسك في طين الأرض ؟! هيّا افرد جناحيك ، واضرب بهما الهواء .. هيا ارتفع إلى أعلى حيث مكانك الطّبيعي فوق القمم ..

دفع العالم النسر إلى أعلى بقوة ، فوقع النسر على الأرض ، وارتطم بها بقوة .. فضحك الرجل ، وقال للعالم : ألم أقل لك إنه لم يعد صالحا للطيران ؛ لأنه لم يعد نسراً ، بل صار دجاجة ! فقال العالم : سأحاول مرة أخرى .. ولم يكد العالم يتم جملته ، حتى رأي النسر يجري نحو الحظيرة ، ويقف مع الدواجن مستسلما لحياته التي تعودها منذ صيغره .. فذهب العالم إليه وأحضره مرة أخرى …

وفي هذه المرة حمل العالم النسر ، وسار به بعيداً ، حتى وجد جبلاً مرتفعاً ، فأخذ يتسلّقه صاعداً بالنسر وكلما تعب جلس ليستريح قليلا ، وصاحب الحظيرة يتبعه .. وبعد جهد شاق وصل العالم إلى قمة الجبل ، فقال مخاطباً اللنسر: إنّ مكانك الطبيعي هنا ، فوق هذه القمة الشامخة ، وليس على الأرض مثل الدجاج .. ثم رفع النسر عاليا موجها رأسه نحو الشمس التي كانت تميل للغروب ، وقال له: هيا أيها النسر الشجاع ، افرد جناحيك ، وارتفع في السماء ، حيث كانت بين النسور ، وليس بين الدجاج..

وبدل أن يرتفع النسر في السماء كما أمره العالم انهار جناحاه ، وارتعش من الخوف ، ونظر إلى العالم ، بينما عيناه مليئتان بالدموع .. ثم قال: لا أستطيع .. فتأثر العالم من منظر النسر الكسير ، وضمه إلى صدره ، مشفقا عليه .. ثم رفعه عاليا ، وقال : لا تقبل أن تجعل رأسك في الطين … ووجه النسر في اتجاه الشمس ، قائلا : هذه فرصتك الأخيرة ، فلا تضيعها .. هيا حلق نحو الشمس ، التي طالما أحببتها ، وتمنّيت أن تحلق في اتجاهها .. ولشيدّة دهشة العالم ، رأى النسر يحرك جناحيه ضارباً بهما الهواء بقوة..

وفي لوحة من أجمل اللّوحات ، ومنظر من أبدع المناظر طار النسر عاليا في الفضاء ، ومتجها بكل قوته نحو قرص الشمس ، صانعاً صورة من أروع صور الطبيعة .. صورة الحياة وهي تعود إلى أصلها متحررة من الطين … طار النسر وسط فرحة العالم ، ودهشة صاحب الحظيرة الممزوجة بالإعجاب الشديد .. وهذه القصة تقال لأولئك الذين لا يستسلمون لمصائرهم ، أو يركنون إلى الطين ، طالما أن الله تعالى قد منحهم المواهب التي تمكنهم من التحليق في القضاء ، مهما كانت الصعاب والعقبات