إن قصة سيدنا يوسف من أشهر قصص الأنبياء وذالك لأنها لا تكاد تخفي علي عالم أو جاهل، صغيرٍ كان أم كبير وسنحاول أن نتناول أكبر قدرٍ من هذه القصة العظيمة، التي لا تحصي فوائدها، بأسلوبٍ يتماشي مع الصغير قبل الكبير، وللمزيد من القصص الرائعة عن الأنبياء الكرام، نرشح لكم تصفح قسم : قصص الأنبياء .

قصة يوسف الطاهر التي لن يكررها الزمان

لقد كان لسيدنا يعقوب عليه السلام 12 من البنين، وكان له بنات أيضا، والسيدة راحيل هي أم سيدنا يوسف عليه السلام وأم أخيه بنيامين، ولقد كان الجميع يعيش من سيدنا يعقوب في منطقة كنعان فلسطين حاليا، وتبدأ قصة نبينا يوسف برؤيا رآها وقصها على أبيه ((يا أبت أني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)) (يوسف -)4).

ولما عرف سيدنا يعقوب تأويل رؤيا ولده الصغير يوسف الذي لم يحط عليه قلم بعد، حذره من أن يخبر أحداً من إخوته لئلا يدخل الشيطان بينهم ويكيدوا ليوسف كيداً، ولما كان نبي الله يعقوب نبياً من رب العالمين، فلقد عرف تأويل هذه الرؤيا، وعرف أيضا بأن فلذة كبده يوسف سيكون نبياً بإذن رب العالمين، وأن إخوته سيكيدون له كيداً ولكن الله سوف يحول بينهم وبينه، وأن الله سيجعل من يوسف خليفة في الأرض بعد ذالك، وسيدخل إخوته في طاعته مقرّين بفضله عليهم، وبعظم ذنبهم وخطئتهم تجاهه.

لقد وهب الله ليوسف جمالاً ساحراً، يأخذ بالألباب، ويذهب بالعقول، ولما كتب الله الحسد وسار قانوناً يسير على كل البشر،وقع فيه إخوة يوسف وحسدوه على هذا الاهتمام الكبير الذي اولاه أبوهم إياه، فأعماهم الحسد وألقوا أخاهم الصغير يوسف في البئر، ولكن مشيئة الله فوق كل شيء، فقلد عثرت عليه قافلة ذاهبة الى مصر، فاستنقذوه وأخذوه معهم الى مصر وباعوه في سوق العبيد، وأراد الله سبحانه أن يتم شراء سيدنا يوسف عليه السلام من قبل رجل ذا سلطةٍ في مصر قريب جداً من فرعون البلاد آنذاك.

وهب ذالك الرجل النبي يوسف لزوجته العاقر زليخة، التي ستشكل عاموداً بارزاً من عواميد قصة نبي الله يوسف المهم بأن يوسف عاش في كنفهما وترعرع تحت رعايتهما في حياةٍ جميله وفي بيتٍ فخم أفضل من قصور هذا الزمان، ولما بلغ حبيبي يوسف أشده وصار شاباً جميلا، وقعت في حبه زليخة، امرأة العزيز، فراودته عن نفسه فأبي سيدنا يوسف ذالك واستعصم فعصمه الحي الذي لا يموت، وعندما وصل ذالك الخبر لزوجها، فأنكرت زليخة ذالك وادّعت بأن يوسف هو من أرادها وأغواها.

ولما حاولوا أن يصلوا للحقيقة، كانت صادمةً، فقلد أظهر قميص نبينا يوسف برآته تماما من هذه المكيده النسائية، و علي الرغم من براءته عليه السلام، الا انه هو الذي سجن في سجون مصر القديمه، ونساه عزيز مصر، فلبث في السجن بضع سنين، ويا له من سجن، لقد حدث في ذالك السجن قصص كثيرة من يوسف لا وقت لذكرها الآن، قد نتطرق لها في قصة أخرى لاحقا، ولكن لازماً علينا أن نذكر أهم هذه القصص والتي جاءت في كتاب الله عز وجل واضحة ومفصله.

فحينما رأى العزيز أن يضعه في السجن حتي يسكت الألسنة التي لم تتركه في حاله، دخل يوسف السجن ومعه رجلان في زنزانته، وفي أحد الليالي حلم الرجلان معاً، ولكن لكلٍ قصة، فلقد رأى الرجل الأول في منامه أنه يعصر خمراً، أما الثاني فرأى بأن هناك طيراً يأكل خبزاً موجود علي رأسه، وطلبوا من يوسف أن يؤول ويفسر هذه الرؤا لما وجدوا فيه من الحكمة ما يفتقره أغلب من بسنه، فأخبر سيدنا يوسف الرجل الأول : أنه سيصبح ساقي الملك وقال للرجل الثاني : أنه سيُصلب وستأكل الطيرُ من رأسه.

وطلب يوسف عليه السلام من الرجل الأول أن يخبر الملك بالظلم الذي تعرّض له يوسف من قبل زليخة وزوجها، بعد أن يخرج من السجن، وحينما خرج الرجل الأول من السجن وأصبح ساقي الملك نسى تماما أن يخبر الملك بقصة يوسف، ولكن جاءت ارادةُ الله بأن يرى الفرعون سبع بقرات سمان يأكلهنّ سبع عجاف. وسبع سنبلات خضر وأخر يابساتالمهم بأن الله مكنّ ليوسف فخرج من السجن بعد رؤيا رآها فرعون مصر، وأرد الله أن يكون من المقربين للفرعون الذي استوزره فيما بعد وحينما أراد الفرعون تفسيراً لرؤيته، أظهر المنجٍّمون عجزاً، ليفسحوا الطريق لسيدنا سويف، فحينا تذكّر ساقي الملك يوسف وأنه قادر على تفسير الأحلام فأخبر الملك بذالك.

فأرسل الملك الساقي الى يوسف، ليجد لهذه الرؤيا تفسيراً واضحاً، ففسّرها عليه السلام، وقال : إنّكم تزرعون سبع سنين يكون فيها خيراً كثيراّ فما تحصدونه فادعوه فى سنبله إلا ما يكفي حاجاتكم، ثم يأتي بعد ذالك سبع سنين أخرى شديدة القحط يقلُّ فيها الخير، ويلحق هذه السبع عام فيه يغاث الناس أي يعود فيها الخير والبركة مرةًَ أخرى.

وعندما عاد الساقي إلى الفرعون ليخبره بتفسير الرؤيا، أُعجب الفرعون بسيدنا يوسف وعفا عنه بعد أن ظهر الحق الذي وان طال فهو ظاهر لا محالة، ووكّله الفرعون وزيراً لبيت المال وبالفعل، كل ما أخبر به يوسف بدأ يظهر الآن، فلقد جاءت سنوات القحط والجدب وجاء الناس من كل صوبٍ إلى مصر ليشترو الحبوب، وكان إخوةُ يوسف من بينهم. فلمّا رآهم سيدي يوسف عرفهم فهم إخوته مهما طال الزمان ومهما فعلوا به.. لكنهم لم يعرفوه، وأعطاهم سيدنا يوسف ما يطلبون وقال لهم : في المرة القادمة أحضروا لي أخاً لكم من أبيكم وإلّا لن تحصلوا على شيء من الحبوب.

وعندما عاد الإخوة الى أبيهم أخبروه بأن عزيز مصر (سيدنا يوسف) يريد أخاهم من أبيهم، فوافق سيدنا يعقوب على مضد شديد أن يأخذوه معهم، وعندما عاد الإخوة الى مصر للمرة الثانيه أحضروا أخاهم الصغير بنيامين معهم الى مصر.. فعندما رأى يوسف عليه السلام أخاه من أمّه بنيامين عرفه، فقام بوضع تاج الملك في حوائج بنيامين خفيةً..وقال أحد الحرّاس بأن صواع الملك قد سرق! واتّهمهم بسرقته، فلما بحثوا عنه في امتعتهم وجدوه في أمتعة بنيامين، فوجد الإخوة أنفسهم في ورطة وحاولوا استعطاف يوسف بأن يأخذ أحداً منهم بدلاً منه، ولكنه رفض إلًا أن يأخذه، فعادوا الى أبيهم باكين كما فعلو مع يوسف من قبل، فطلب منهم يعقوب عليه السلام-العودة والبحث عن أخيهم وعن يوسف أيضا.

وعندما عاد أولاد يعقوب إلى يوسف وأخبروه أنً أباهم رجل كبير ولا طاقة له على غياب اثنين من أحب أولاده إليه، أخبرهم بأنه يوسف الذي رموه في البئر عندما كان صغيراً، فاعترفوا بذنبهم، فما كان من سيدنا يوسف إلّا انه عفا عنهم وسامحهم، وسألهم عن أبيه، فأخبروه بسوء حاله، وفقدانه لبصره، فأعطاهم قميصه وأخبرهم بأن يضعوه على وجه أبيه وستعود اليه قوته ويعود اليه بصره، وطلب منهم أيضا أن يأتوا بأهليهم أجمعين ليعيشوا في مصر.

فحمل يعقوب أهله وبنيه وارتجل إلى مصر..واجنع شمل الأسرة بعد تشتت وضياع وحزن ووهن ومرض دام لسنين طويله، وحينها خرّ الإخوة وسيدنا يعقوب والخالة ساجدين، فقال سيدنا يوسف عليه السلام لأبيه :هذا يا أبت تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً.

وهكذا تنتهي قصة سيدنا يوسف مع أروع خاتمه..مع كثير من الدروس من أهما أن الظلم لا يدوم والحق سيظهر الآن أم غداً أم بعد الغد، سينقشع الظلام وستدخل أشعة الشمس لا محاله طالما نحن على حق، وفي النهاية صديقي لا تقرأ وترحل..شاركنا برأيك، وماذا تعلمت من هذه القصة الرائعة التي نقدمها لكم موقع قصص وحكايات.