قصة سيدنا وحشي تزخر السيرة النبوية بكثير من قصص الصحابة الذين بذلوا كل غالي ونفيس من أجل إعلاء كلمة الحق والدين، ونحن اليوم بصدد الحديث عن قصة أحد الصحابة الذين ذاقوا لذة الإيمان بعد مرارة الكفر، ألا وهي قصة سيدنا وحشي.

اقرأ أيضًا: قصة سيدنا ابراهيم خليل الرحمن كاملة

وحشي في الجاهلية

وحشي في الجاهلية

كان وحشي في الجاهلية عبدًا مملوكًا لجبير بن مطعم، وكان يعرف باسم وحشي بن حرب الحنشي.

أما عن كنيته فهي أبا حرب كما كُني أبا سلمه، يحكي وحشي قصته عن نفسه فيقول؛ لقد كنت غلامًا لجبير، وقد ظللت كذلك لأعوام.

ولما سارت قريش إلى أحد، تحدث إليّ جبير وقال لي، إن قتلت حمزة بن عبد المطلب فأنت حر طليق.

لذلك خرجت إلى أحد وقد كان شغلي الشاغل هو قتل حمزة، فبقتله سأصبح حرًا بعد سنوات من العبودية.

فأخذت أتبصره وأترقبه حتى رأيته في وسط المعركة معلنًا سيفه مثل الجمل الأورق.

فاستترت بحجر أترقب أن يدنوا مني، حتى ما إذا رآني حمزة قال تعال إلي، فأخذت أهز حربتي حتى رضيت منها، ثم رميته رمية أصبته بها.

ومن ثم أخذت حربتي وتركت المعركة، فلم يكن لي حاجة غير قتل حمزة، وبمجرد وصولي إلى جبير أعتق رقبتي وصرت حرًا.

اقرأ أيضًا: قصة سيدنا يونس عليه السلام مختصرة

قصة سيدنا وحشي

قصة سيدنا وحشي

مرت تلك الواقعة بكل ما فيها من أسى وحزن طبعته في قلوب المسلمين على مقتل حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم على يد وحشي بن حرب.

حتى فتح الله تعالى على نبيه بفتح مكة، لذا خرج منها وحشي إلى الطائف هروبًا من مقابلة النبي وخوفًا منه.

بعد ذلك خرج أهل الطائف وفودًا يتوافدون على النبي ليعلنوا إسلامهم، لذا شعر وحشي أن الأرض ضاقت عليه الأرض بما رحبت.

وأنه لا يجد بها مكان يحتمى به، فبينما هو يفكر في ملاذ إلى اليمن أو الشام.

إذ ساق الله إليه رجل يخبره أن محمدًا لا يقتل أحدًا يدخل دين الإسلام أبدًا.

فلم يجد له طريق سوى الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمشى حتى دنا منه ووصل إليه في منتهى الخفة والحذر.

حتى وقف فوق رأسه.

ثم نطق الشهادتين (أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله).

وعندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته رفع نظره إليه.

فلما عرفه أشاح ببصره عنه وأعرض عنه ثم سأله، أوحشي أنت؟، فأجابه وحشي(نعم يا رسول الله)، ثم طلب منه النبي أن يجلس ويحدثه عن كيفية مقتل حمزة.

يقول وحشي؛ جلست بين يديه وحدثته عن ذلك، وبعد أن فرغت أشاح بوجهه الكريم عني.

وقال لي “ويحك يا وحشي، غيّب عني وجهك، فلا أرينك بعد اليوم”.

وعلى الرغم من الفعل الشنيع الذي صدر من وحشي في الجاهلية، إلا أنه أسلم وحَسُنَ إسلامه.

ومن أقواله عن نفسه أنه قال؛ قتلت بحربتي هذه خيرَ الناس (يقصد حمزة) وشر الناس (يقصد مسيلمة الكذاب).

كما كان يقولو؛ أكرم الله حمزة بن عبد المطلب والطفيل بن النعمان بيدي ولم يهني بأيديهما يعني لم يُقتل كافرًا.

وقد توفي وحشي بن حرب في خلافة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في حمص، بعد أن قطن بها زمن، وكان قد شهد معركة اليرموك.

اقرأ أيضًا: قصة أصحاب الفيل

وبذلك نكون قد سردنا لكم قصة سيدنا وحشي، هذا وعلينا التنويه أن باب التوبة مفتوح في كل وقت وكل زمن، وأن الإسلام يَجُب ما قبله، مهما كان الجرم الذي اقترفه الفرد، وهذا من سماحة الإسلام ورأفته بأتباعه، جعلنا الله وإياكم ممن حَسُن إسلامهم.